أسباب توجه الشباب العربي إلى الألحان(3)

تشترك مع بعضها في أمور عديدة ناتجة عن قواسم مشتركة واسعة تسهم في تقويم مفاصلها على امتداد فضاءات الوطن العربي وهذا تأكيد على حقيقة كون الأغنية العربية وحدة بنائية كاملة تتداخل فيها الجزيئات للخصوصيات المحلية التي تشكل في مجملها أجزاء متممة أحداهما للآخرى لتتفاعل في بوتقة الأغنية العربية ذلك الأمر يدعونا إلى دراسة الأغنية العربية بشكلها الأوسع والاشمل على أن لا يكون بمعزل عن تلك الخصوصيات أذ كانت وما تزال الأغنية العربية مدار بحث المختصين والعاملين في الحركة الموسيقية وعلى كافة الأصعدة وذلك لما لها من أهمية بالغة في تربية الذوق العام وانفعالاته ووعيه وشعوره، وقد تشعبت سبل المناقشات وتضاربت الاراء في كثير من الندوات والمؤتمرات واللقاءات والمقالات الصحفية ووسائل الاعلام الاخرى حول الخروج من هذه ألازمة الى الافاق والمستويات العالية التي نطمح ان تصل اليها الاغنية العربية بعد أن أفرزت الظروف القاسية التي مر بها الوطن العربي بمجمل حالاتها مجموعة من ظواهر وسلوكيات وردود فعل جديرة بالاهتمام والمتابعة والبحث ، آذ تشكل الأغنية العربية المعاصرة وهمومها علامة بارزة في خضم تلك الظواهر وردود أفعالها0 ولو راجعنا الخط البياني لمسيرة الأغنية العربية المعاصرة في خريف القرن العشرين أي في العقدين الأخيرين منه وانطلاقا من معطيات الغناء العربي بما يملكه من ألحان رفيعة وإيقاعات مترفة وأداء صادق ، فأننا نلاحظ أن الأغنية العربية قد تغيرت يوماً بعد يوم ، بعد أن خضعت لسطوة السوق التجارية وأصبحت أسيرة الجشع المالي لهذا السوق فأسدلت الستارة عن الثراء العريق للإبداعات الوجدانية التي عرفناها في العقود التي سبقت منتصف القرن العشرين وذلك باتجاه مسارات الأغنية في دائرة ضيقة لا تتسع ألا لنتف بتراء من ممتلكات الأغنية العربية بعد أن فقدت سماتها الاساسية خاصة في مجال السلامة الامنية ( الكلمة، اللحن، الأداء) بسبب جهل أو تجاهل الملحنين للكم الهائل من سلالم الموسيقى العربية ومقاماتها وللثروة الإيقاعية التي لا حدود لتنوعها0 من هنا والحال هذا أصرت القنوات الفضائية في التجاوز على الفنون الموسيقية والغنائية من خلال أشرطة الفيديو كليب التي تنتجها والحفلات الصاخبة التي تقيمها ، مستخدمة الأغنية العربية غطاءً لعروض المجون ، من أجل استقطاب الشباب وشرائح أخرى من المجتمع، مما جعل تلك الفضائيات مرتعاً خصباً للواتي فرضن أنفسهن على الساحة الغنائية دون أن يكون لهن أية علاقة بالفن الحقيقي الذي يعد صورة من صور ثقافة المجتمع ،
وأصبحت تلك الفضائيات تضاهي أوطأ الملاهي تحت ستار الفنون الموسيقية والغنائية والفعاليات الاستعراضية فيما تقدمه من عروض رخيصة0 وبهذا قد استبيحت قدسية الأغنية العربية وانتهكت حرمتها بعد أن اخترقت جدرانها من قبل هؤلاء الدخلاء الذين ليس لهم في سجلاتها ناقة ولاجمل الأمر الذي فاقم وضعها وزاد من معاناتها وأضاف إلى بؤسها بؤساً وهي تتخبط في متاهات تأخذها بعيداً

(4)