أسباب توجه الشباب العربي إلى الألحان(4)

عن الهدف الحقيقي وهو يحقق جيلاً عربياً واعياً لتراثه ينبثق من ماض عريق ويتطلع الى مستقبل ليجد نفسه مواكباً لركب الحضارة المعاصرة
أن هذه الموجة تعتبر اعتداءً صارخاً على القيم الفنية والموسيقية لما ألحقته بالأغنية العربية التي طالما كانت إحدى مرتكزات الثقافة العربية ، بما تتمتع به من
أصالة وجذور راسخة في عمق التاريخ الحضاري العربي الذي يحفل بتراثٍ ظل خالداً على مدى العصور بما يحمله من ثقافة وعمق ومعانٍٍ سامية 00 ومن المؤسف أن يلعب الفن الرخيص دوراً فعالاً في تشويه قيم الفن الغنائي الرصين محاولاً دفعه إلى زوايا النسيان بفعل رؤوس الأموال التي تكرس لهذه الفعاليات والحملات الإعلانية التجارية التي وجدت أن اقصر الطرق لجلب الانتباه واستقطاب الشباب والشرائح الأخرى هو الولوج في هذا الخط الذي هيئت له الاستوديوهات والمسارح والتقنيات المتطورة من المؤثرات الصوتية والصورية والاستعراض الجسدي0 من هنا حدث تراجع واضح لدور حاسة السمع التي بوصفها القناة الأكثر استقطاباً في استقبال الأغنية ومكوناتها التي لابد أن تعكس عواطف الناس وأحاسيسهم بعفة ورفعة0 بينما نلاحظ مقابل ذلك انتصار كبير لحاسة البصر الذي حصل نتيجة الديكورات والمناظر المغرية والاستعراضات الجسدية التي تهدف في تشويه القيم التي نشأت عليها ذائقة المستمع العربي .لقد أصبح الوسطاء والمنتجون ممن يعملون في هذه الساحة يبتدعون في كل يوم أساليب جديدة في عروض الأغاني الإباحية والتهتك الذي وصل حداً بدأت تتعالى معه صيحات واعتراضات المؤسسات الفنيـة ( بعد سكوت طويل) لإيقاف هذا التيار الخطير. لقد آن الأوان أن تتحد كل الأصوات الخيرة من قبل المثقفين والأدباء ورجال الصحافة والفكر والاجتماع والمؤسسات المهنية الفنية والثقافية من اجل استنكار هذه الكارثة الاجتماعية والأخلاقية ومقاضاة مروجيها قبل أن تصبح سياقاً وسابقة تترسخ في المجتمع لتصبح جزءاً من المناهج المدرسية للأجيال القادمة0 نعم لقد انزلقت الأغنية في متاهات التردي والتخبط وذلك بسبب الفوضى التي دخلت مفاصل صناعتها الفنية (الكلمة اللحن الأداء) بنتيجة ولوح البعض لهذا الميدان الواسع ممن تنقصهم المعرفة العلمية والذهنية الموسيقية الواعية والحس المرهف منتهزين فرصة تغيب العناصر الكفوءة (أهل الصنعة) التي تحملت هموم الأغنية وتبنت مسيرتها وحملت رايتها بجدارة وكفاءة عالية وموهبة فائقة وحرص شديد، وذلك لأيمانهم بأن الأغنية تنتمي إلى الوجدان ألإنساني في شكلها ومضمونها وتوجهاتها كونها تتخذ مكانة مرموقة في الوظيفة الاجتماعية لتصبح وثيقة عالية في مخاطبة ضمير الناس كون وظيقتها لاتقتصر على أنها مجرد وسيلة للتطريب والاستمتاع بها في وقت الفراغ بل أنها تقوم بدور فعال في تكوين ذوق الفرد والمزاج العام للمجتمع 0ويجب علينا أن لا ننسى هنا تأثير المتغيرات التي أفرزتها التحولات المعاصرة التي شهدها الإنسان وما بلغت العلوم والتكنولوجيا من مراتب متقدمة جداً في الرقي من خلال أجهزة البث والاستقبال وفي سباق الزمن حيث كان لها الأثر الكبير على
(5)